:بـس: :بـس: :بـس:
رسالة من خلف الأسوار .. " لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم "
تاريخ : الأحد 19 إبريل 2015
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأحباب الكرام من الأخوة والأخوات
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أبدأ فى هذه الكلمة بتذكيركم بما قاله شهيد الاسلام سيد قطب :
حيث أراد الله حركة صحيحة قوية ، عرض طلائعها للمحنة الطويلة وأبطأ عليهم بالنصر ، وبطأ الناس عنهم حتى يعلم أن قد صبروا و ثبتوا و تهيأوا وصلحوا لأن يكونوا هم القاعدة الصلبة الخالصة الواعية الأمينة ، ثم ينقل خطاهم بعد ذلك بيده ، و الله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون
إن الله مع ... ، إن الله يحب ... ، إن الله يوفي ... ، إن الله مع الصابرين .. ، إن الله يحب الصابرين .. ، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
وما أعطى أحد عطاء قط أفضل من الصبر ، و قال صلى الله عليه وسلم: ما يزال البلاء بالمؤمن و المؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة.
وقال أحد الصالحين: إن الله يتعهد المؤمن بالبلاء كما يتعهد الرجل أهله بالخير , وبذلك يرى المؤمن المحنة منحة ، والبلية هدية ، و الألم دواء لا بد منه ليحصل الشفاء.
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا أراد الله بعبده خيرا عجل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة".
واعلموا -أيها الأحبة- كما الرافعي :
تأتي النعمة فتدني الأقدار من يدك فرع الثمر الحلو وأنت لا تدري جذره ولا تملكه ثم تتحول، فإذا يدك على فرع الثمر المرّ وأنت كذلك لا ترى ولا تملك، ألا
واعلم أن قوة الايمان تظهر في النكبات لا في الركعات و عند الرزايا لا في الزوايا.
لا شك ان ما نحن فيه من بلاء وشده أمر صعب و شديد وأن ما تعرضنا إليه من إيذاء و ظلم فاق كل التصورات فكيف نتصرف وماذا نفعل؟
نرجع إلى سيرة إمامنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم ، فقد خرج إلى الطائف يبحث عن مخرج ومقر لدعوته وعرض دعوته على كبار القوم فأغروا به السفهاء و الأطفال فألقوه بالحجارة وأوقعوا به - صلى الله عليه وسلم - أشد الايذاء والاهانة.
ولما رأى بستاناً فى طريقه دخل فيه ليحمى نفسه من هؤلاء السفهاء ، وبمجرد أن انصرفوا عنه توجه إلى الله بالدعاء الذى نذكره جميعا ..
أول ما فكر فيه صلى الله عليه وسلم وخشى منه أن يكون ما أصابه من إيذاء بسبب تقصيره أو غضب من الله عليه فهل نفكر نحن بنفس المنطق ؟ ، ربنا إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالى ، ونراجع أنفسنا ونجبر تقصيرنا ، ونتخلص من عيوبنا ونلح على الله أن يغفر لنا .
ثم ماذا فعل صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وهو على حاله بعد الدعاء ودمائه تسيل من جروحه ولا يستطيع ان يقف من الإعياء والإرهاق والشعور بالإهانة مما جرى له؟ ، هنا يأتيه ملك الجبال يعرض عليه أن ينفذ حكم الإعدام في هؤلاء المجرمين"إن شئت أن أطبق عليهم الجبلين لفعلت " ويأتي الرد مباشرا وبلا أي تردد : "لا عسى الله أن يخرج من أصلابهم من يعبدوه" ، شيء عجيب ! .. لما لا ، وهذا الايذاء وهذه الجراحات وهذه الإهانة ، لا.. لأن هذا هو الفارق بين السياسي وبين الداعية.السياسي يريد أن ينتصر بأي ثمن ولكن الداعية يريد أن تنتصر دعوته
حظ النفس هنا هو رد الاعتبار والانتقام للذات ورد الصاع صاعين ، ولكن حظ العقيدة ورغبته في نشر الدعوة جعله يتغلب على حظ نفسه تماما ويقدم عليه حظ دينه ومصلحته ، فهل نحن يمكن أن نتأسى به صلى الله عليه وسلم ونقدم حظ ديننا على حظ أنفسنا في رد الاعتبار و النيل ممن أهاننا وظلمنا وافترى علينا.
إن رؤوس الفتنة لهم وضعية خاصة لابد من ملاحقتهم واستيفاء الحقوق منهم مهما طال الزمن ، ولن تتأخر عدالة السماء إن شاء الله تعالى ، ولكن الباقين من عموم الناس الذين خدعوا وساروا مع ما تخيلوا أنه صالحهم أو خافوا و جبنوا ، كيف نتعامل معهم؟
اذا أردنا أن نتأس برسول الله صلى الله عليه وسلم لابد أن نقدم حظ عقيدتنا على حظ نفوسنا في رد الاعتبار والثأر للإهانة ، لابد أن ندعوهم من جديد ، نعاود الكرة ولا نكرر أخطاءنا ، ليكن هدفنا الأخذ بأيديهم الى الله تعالى .
وأختم بخاطر لابن الجوزي يقول فيه " الرضا من ثمرات المعرفة ، فإذا عرفته رضيت بقضائه ، وقد يجرى من ضمن القضاء مرارات يجد بعض طعمها الراضي ، أما العارف فتقل عنده المرارات لقوة حلاوة المعرفة ، أما إذا ارتقت المعرفة و صارت محبة فعندها تصبح المرارة حلاوة".
رسالة من خلف الأسوار .. "لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم"
الجمعة يناير 19, 2024 5:14 am
موضوع: رسالة من خلف الأسوار .. "لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم"
